ماريونيت في محراب الغياب للروائى محي الدين محمود حافظ حين يتحوّل الفقد إلى صلاة روحية

 

ماريونيت في محراب الغياب للروائى محي الدين محمود حافظ حين يتحوّل الفقد إلى صلاة روحية



بقلم: جمال الشندويلي  🇪🇬


في روايته في محراب الغياب ينسج الروائي محيي الدين محمود حافظ عالماً من التأمل والوجع حيث يصبح الغياب ليس فقط فراغًا زمانيًا أو مكانيًا بل طقسًا من طقوس الوجود ومحرابًا تتلى فيه أسرار الروح وتُختبر فيه هشاشة الإنسان.

أولًا عن العنوان

العنوان وحده يلخّص التجربة كلها في محراب الغياب الجمع بين المحراب بكل ما يحمله من قداسة وصمت والغياب بكل ما يحمله من ألم وافتقاد يضع القارئ منذ اللحظة الأولى أمام ثنائية حادة الروح في مواجهة الفراغ والإيمان في مواجهة الفقد.

ثانيًا البنية السردية والعالم الروائي

يعتمد الكاتب أسلوبًا داخليًا حيث يمتزج السرد الخارجي بالأحاديث النفسية والذكريات فيتحول النص إلى مرآة للذات في مواجهة الألم.

تتنقل الرواية بين أزمنة متشابكة الحاضر الموجوع والماضي الذي يطفو كحلم ومستقبل غائم.

الشخصيات ليست مجرد كائنات تتحرك بل هي أرواح تئن تبحث عن الخلاص.

المكان نفسه سواء كان قرية أو منزل أو مقبرة يحمل رمزية روحية ويتحوّل إلى جزء من الحالة النفسية للسارد.

ثالثًا الغياب كشخصية روائية

الغياب ليس فقط موضوع الرواية بل يمكن اعتباره شخصية محورية هو الذي يُحرك المشاعر ويبعثر الزمن ويقود البطل إلى تأملات وجودية حادة

غياب الأحبة غياب المعنى

غياب الذات الحقيقية تحت ركام العادة والخذلان

وفي هذا نجد لمحات من الفلسفة الصوفية حيث الغياب عن الدنيا قد يكون بابًا للحضور في جوهر أعمق.

رابعًا اللغة والأسلوب

محيي الدين محمود حافظ يكتب بلغة شاعر لكنها لا تقع في فخ الغموض أو الزخرفة بلغة تنساب كالدمع  وتئن كنايٍ حزين.

الجمل قصيرة أحيانًا متقطعة كأنها أنفاس باكية

الوصف عميق لكنه لا يطغى على البُعد النفسي

خامسًا التأثير العاطفي والفكري

الرواية لا تهدف إلى إبهار القارئ، بل إلى مصاحبته في رحلة شفاء داخلية تُذكّره بأن الحزن ليس نهاية بل حالة عبور وأن الغياب قد يكشف لنا عن أنفسنا أكثر مما يكشف عن الآخرين

خاتمة التحليل

في محراب الغياب ليست مجرد رواية عن الفقد بل هي نصّ عن الصلاة الصامتة التي يقيمها القلب حين لا يجد ما يقول وهي تأمل صادق في هشاشة الإنسان وفي قدرة الحنين على أن يكون أحيانًا أشد حضورًا من اللقاء.


Daily graph Arabia 

إرسال تعليق

0 تعليقات